المطالباتُ في الشريعةِ مَضْمَّنَةٌ بالسهولة، وأمَّا مطالباتُ الحقيقة فكما قالوا: ليس إلاَّ بَذْل الروح، ولهذا فهم لا تشغلهم التُّرَّهَات. قال لأهل الرخص والمستضعفين في الحال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وأمَّا أربابُ الحقائق؛ فقال: {وَإِن تُبْدُوا مَا فِى أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284] وقال: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15] وقال: {وَجَاهِدُوا فِى اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 78].قوله: {وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالحَقّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}: ولولا غفلتُهم عن مواضع الحقيقة لما خوَّفهم بكتابة المَلَكِ، ولكن غفلوا عن شهود الحق فخوَّفهم باطلاعِ الملائكة، وكتابَتِهم عليهم أعمالهم.