سورة المؤمنون - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المؤمنون)


        


المطالباتُ في الشريعةِ مَضْمَّنَةٌ بالسهولة، وأمَّا مطالباتُ الحقيقة فكما قالوا: ليس إلاَّ بَذْل الروح، ولهذا فهم لا تشغلهم التُّرَّهَات. قال لأهل الرخص والمستضعفين في الحال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وأمَّا أربابُ الحقائق؛ فقال: {وَإِن تُبْدُوا مَا فِى أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284] وقال: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15] وقال: {وَجَاهِدُوا فِى اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 78].
قوله: {وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالحَقّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}: ولولا غفلتُهم عن مواضع الحقيقة لما خوَّفهم بكتابة المَلَكِ، ولكن غفلوا عن شهود الحق فخوَّفهم باطلاعِ الملائكة، وكتابَتِهم عليهم أعمالهم.


لا يَصْلُحُ لهذا الشأن إلا من كان فارغاً من جميع الأعمال، ولا شغلَ له في الدنيا والآخرة، فأمَّا مَنْ له شُغْلٌ بدنياه، أو على قلبِه حديثُ عقباه، فليس له نصيبٌ من حديث مولاه، وفي الخبر «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ».
ويقال أصحاب الدنيا مشغولون بدنياهم، وأرباب العُقبى مشغولون بعُقباهم، وأهل النار مشغولون بما ينالهم من بلواهم؛ وإن الذي له في الدنيا والآخرة غير مولاه- حين الفراغ- عزيز؛ قال تعالى: {إِنَّ أَصْحَابَ الجَنَّةِ اليَوْمَ فِى شُغُلٍ فَاكِهُونَ} [يس: 55].


إنه- سبحانه- يُمْهِلُ ولكنَّه لا يُهْمِلُ؛ فإذا أَخَذَ فَبَطْشُه شديدٌ، قال تعالى: {إِنَّ بَطَشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج: 12]..... فإذا أَخَذَ أصجابُ الكبائرِ- حين يحلْ بهم الانتقامُ- في الجوابِ رُدُّا في الهوان.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14